1- الأوليات Protozoa:
هي حيوانات وحيدة الخلية تتألف من أكثر من 50000 نوع معروف. إن جميع الأوليات وحيدات خلايا وتفتقد لجدار الخلية، ولكنها تملك غشاء بلاسمي يستخدم لأخذ الطعام وطرح الفضلات، وتمكنها التواجد بمفردها مثل vorticella فورتيسيلا أو بشكل مستعمرات مثل Carchesium كارشيسيوم وهذه الكائنات المجهرية معظمها غير ضار ولكن البعض منها قد يكون مسبباً للأمراض.
والبعض من هذه الكائنات يملك مرحلتين هما: المرحلة الفعالة حيث يكون قادراً على التغذية، والمرحلة الخاملة.
كوحيدات خلية فإنه من الصعب تعريف الأوليات، وذلك بسبب تنوع أشكالها وتختلف الأوليات عن البكتريا بطبيعتها، وبحجمها الكبير كما تختلف الأوليات عن الطحالب فهي تأخذ الطاقة من المواد العضوية وليس من التركيب الضوئي.
تعتبر الأوليات كائنات كاملة لأنها تحوي كل الوسائل اللازمة لإنجاز العمليات داخل جسمها تختلف الأوليات عن الفطور، حيث قلما تسبب مشاكل لمعالجة المياه بل إنها تعتبر مفيدة لأنها تقوم بأعمال تنظيف لهذه المياه من البكتريا وتعتبر الأوليات والبكتريا مرتبطين جداًً في عمليات المعالجة بالحمأة المنشطة لمياه المجاري حيث أن كل ما يؤثر في نشاط الأوليات يؤثر في نشاط البكتريا.
تعتمد الأوليات على الشروط البيئية من حيث التكاثر وتوفر الطعام اللازم لوجودها تماماً مثل البكتريا، ويتراوح حجمها بين 4 ميكرون وحتى 500 ميكرون. ويمكنها استهلاك البكتريا واستهلاك البقايا العضوية.
إلى جانب كون الأوليات ذات دور هام في معالجة مياه المجاري فإن وجود بعض الأنواع منها يمكن استخدامه كمؤشر على تغير ظروف مياه المجاري، وكدليل على فعالية عملية المعالجة، حيث أنه يمكنه تحديد المشاكل قبل تطورها إلى مشاكل كبيرة، وعادة ترافق هذه الأوليات مياه المجاري وتستخدم كمؤشر يتضمن السوطيات والكائنات السابحة والهدبيات.
1-1 التصنيف Classification :
نصنف الأوليات (protozaa) ضمن أربعة أصناف وذلك حسب طريقة الحركة فالماستيغونورا أو السوطيات (Mastigophora) تتحرك بواسطة سوط واحد أو أكثر أما الهدبيات والسيليوفورا (Ciliophora) فتتحرك بواسطة سوط قصير يدعى الهدب،و الأميبيات أو الساركودينا (Sarcodin) فتتحرك بواسطة الحركة الأميبية المتحولة والسبوروزوا (Sporozoa) غير قادرة على الحركة. ويبين الجدول التالي وصفاً لهذه المجموعات:
المجموعة
|
الاسم الشائع
|
طريقة الحركة
|
طريقة التكاثر
|
Mastigophora
|
السوطيات
|
السوط
|
لا جنس
|
Ciliophora
|
الهدبيات
|
الهدب
|
لا جنس بواسطة الانصهار، وجنسي
|
Scarcodira
|
أميبيات
|
التحول
|
لا جنسي وجنسي
|
Sporozoa
|
أوليات
|
غير متحركة
|
لا جنسي وجنسي
|
1-1-1: السوطيات Flagellates – Mastigophora
يكون معظمها من وحيدات الخلية، وليس لها شكل محدد، حيث أن غشاءها البلاسمي الرقيق يسمح بحركة السيتوبلاسما، وتمتاز السوطيات بامتلاكها سياطاً تمنعها القدرة على الحركة وعلى إيجاد طعامها، وطرحه وكمؤشر في عمليات المعالجة البيولوجية لمياه المجاري فإن السوطيات تترافق عادةً مع المعالجة السيئة ومع عمر حمأة قصير فعندما تكون السوطيات هي الغالبة من ضمن مجموعة الأوليات فإن هذا يدل على أن التدفق الناتج عن المعالجة يحتوي على كمية كبيرة من الأجسام المعلقة وعلى قيمة كبيرة لـ BOD.
تتواجد السوطيات بكثرة في المياه العذبة وفي مياه البحار، وتتفرع السوطيات إلى أنواع تحوي على الكوروفيل وبذلك فإنها تشبه النبات، وإلى (إيغلينا) والتي تترافق دوماً مع ازدياد نسبة النتروجين والفوسفات في عملية معالجة المياه ومياه المجاري، وهناك نوع شبيه بالحيوان هو زوماستيغوريا.
1-1-2: الهدبيات (ciliates) Ciliophora:
الهدبيات هي الشكل الأكثر تطوراً من حيث البنية في مجموعة الأوليات، وتتم حركة الهدبيات وتغذيتها بواسطة الأهداب التي تتواجد على الأقل في إحدى مراحل حياتها. تقسم الهدبيات إلى ثلاث مجموعات هي:
1- السابحات الحرة Free swimmers.
2- الزاحفات Crawlers
3- السويقيات Stalked.
لكن معظم الهدبيات تصنف ضمن السابحات الحرة.
تتواجد الهدبيات عادةً بشكل منفرد، ولكن أحياناً تكون ضمن مستعمرات، وتعتبر الهدبيات فريدة من نوعها من بين جميع الأوليات باحتوائها على نوعين من النويات الصغيرة والكبيرة. فمهمة النواة الصغيرة هي التكاثر الجنسي، أما النواة الكبيرة فهي المسؤولة عن التغذية وعن إنتاج RNA لنمو الخلية.
تغطى الهدبيات عادةً بقشرة رقيقة والتي تعمل كدرع يكون إما ثخين وإما رقيق، أما الأهداب فتكون قصيرة مرتبة ضمن صفوف، شكلها شبيه بالسياط لكنها أقصر وقد تغطي الأهداب جسم الحيوان كله، أو قد تتوضع في منطقة من الجسم فقط.
تعتبر السابحات الحرة من الهدبيات الخاصة لاحتوائها على أعضاء مسؤولة عن القيام بعمليات حيوية محددة، والنوع المعروف منها هو الباراميسيوم (Paramecium) (الشكل 1) ويضم الباراميسيوم إلى مجموعة السابحات الحرة ويتميز بطول ثابت لأهدابه. ومن بين المجموعات الثلاثة التي تمثل الهدبيات فإن البارامسيوم يعتبر الأقل فاعلية بالنسبة لعملية التغذية.
يبين الشكل (1) أن للباراميسيوم أعضاء متعددة متخصصة، فالحويصلة مسؤولة عن الطرح وتنظيم التبادل مع الوسط، فعندما تفرز الأعضاء محلولاً سائلاً من الماء ويفرز الاليكتروليت من السيتوبلازما يتم طرح ذلك بوساطة الحويصل المسامي، أما مهمة الغشاء فهي أن يحفظ الحويصل مغلقاً أثناء فترة التمدد.
كما يبين الشكل عضواً هاماً أخر هو الكيس المخملي، فعندما تطلق هذه الكييسبات، فإنها تشكل خيوطاً طويلة تمر عبر الغشاء وتصبح قاسية، وتكون رؤوس هذه الخيوط لزجة مما يجعلها قادرة على الاتصال، وعلى التقاط الفريسة، وشكل حركتها قبل هضمها.
أما الزاحفات والمعروفة بالهدبيات الزاحفة، فتزحف فوق وعبر الجزئيات وهي تمتاز بقدرتها على التغذية بشكل فعال أكثر من السابحات الحرة، كما تمتاز بقدرتها على العيش بوجود عدد أقل من البكتريا.
وتمتاز السويقيات بفم يشبه القرص على الجزء الأمامي من جسمها، وتحوي عادة على السويق (خيوط قابلة للتقلص) والذي يشبه الفلينة.
الشكل -1- البارمسيوم، شكل يوضح بنية البارمسيوم
عندما تكون نسبة الأوكسجين منخفضة في المياه، أو عندما تزداد عكارة المياه، فإن السويقيات تدور وتسبح بحرية، وهذا ما يسمح لها أن تتغذى بفعالية كبيرة. في معالجة مياه المجاري هناك نوعان من الهدبيات يعتبران هامين هما:
السابحات الحرة، وذوات السويقة، فالسابحات الحرة تستخدم أهدابها للتنقل ولجذب الطعام، وتترافق عادةً مع الحمأة متوسطة العمر ومع نوعية التدفق المائي المعتدل، وعندما تشكل السابحات كتلة المتعضيات الأساسية فإن ذلك يؤدي إلى تعكر المياه وهذا دليل على احتواء المياه على كمية كبيرة من الأجسام الصلبة المعلقة الشكل (2-a).
أما الهدبيات ذات السويقة، فإنها تعلق نفسها على الأجسام الصلبة المحمولة مع مياه الصرف وتستخدم أهدابها لجذب الطعام، وتترافق عادة الهدبيات ذات السويقة مع المياه الصافية، والحاوية على كمية من الأجسام الصلبة المعلقة وعلى نسبة منخفضة من BOD الشكل (2-b).
1-1-3 الأميبيات Sarcodina
إن أعضاء هذه المجموعة بسيطة في تركيبها وتمتاز ببنية أبسط من بنية الهدبيات والسوطيات فهي تتحرك بأرجل كاذبة، ويشار إلى تشكل هذه الأرجل بحركة الأميب الشكل(3).
بالإضافة إلى استخدام الأرجل الكاذبة في الحركة فإنها تستخدم أيضاً في التغذية فهذه الأرجل تحيط بالطعام وتبتلعه، وتتغذى معظم الأميبيات على الطحالب والبكتريات والأوليات والدولابيات.
في معالجة مياه المجاري يترافق وجود الأميبيات مع المعالجة السيئة، حيث تكون المياه مليئة بالأجسام المعلقة الصلبة وذات نسبة عالية القيمة BOD. وتتحرك الأميبيات في مياه المجاري من خلال حركة السوائل المخزنة ضمن جدران خلاياها.
وبشكل عام تحتوي المعالجة البيولوجية لمياه المجاري على عدد كبير من الأوليات ووحيدات الخلية فهي موجودة أثناء المعالجة بالحمأة المنشطة أو برك الأكسدة أو المرشحات البيولوجية والمرشحات ذات الأقراص الدوارة والترشيح ضمن الأراضي. وتزدهر الأوليات في العمليات الهوائية لعدة أسباب:
1- ازدياد نسبة الأوكسجين المنحل.
2- المحتوى العالي من المواد العضوية في مياه المجاري.
3- عدد البكتريا الكبير.
هذا كله يساعد على نمو الأوليات في عمليات معالجة مياه المجاري.
وبذلك تلعب الأوليات (وحيدات الخلية) دوراً هاماً في معالجة مياه المجاري فهي مثلاً تزيل البكتريا وبالتالي تساعد في عملية الترسيب للتدفق الخارج بعد المعالجة حيث تقوم بتجميع المواد المعلقة والغروية، وأيضاً تلعب الأوليات دوراً مهماً في عملية النترجة وتعتبر كمؤشرات على صحة وجودة عمليات المعالجة البيولوجية وخاصة دخول عملية المعالجة مرحلة ثانية من المعالجة وتدل أيضاً على جودة مواصفات الحمأة المنشطة.
1-2: الحمأة المنشطة Activated Sludge:
نشأت عملية الحمأة المنشطة في بريطانيا، وتسمى بهذا الاسم لأنها تعتمد على إنتاج كمية كبيرة من الكائنات الدقيقة القادرة على تثبيت المحتوى العضوي للملوثات هوائياً، وتعتبر عملية الحماة المنشطة هذه عملية بيولوجية حيث يحصل التماس بين الفطور والبكتريا والأوليات والمتعضيات المجهرية مثل الدولابيات والنيماتوداً.
تعتبر البكتريا المجموعة الأهم لأنها المسؤولة عن عملية المعالجة بالحمأة المنشطة، ومن المهم أثناء العملية الحفاظ على التماس بين البكتريا والكائنات الدقيقة الأخرى مع المادة العضوية الموجودة في مياه المجاري ويتم ذلك عادة من خلال المزج السريع الذي يتم بواسطة خلاطات كبيرة وتزداد فاعلية الخلط بالتهوية المستمرة.
لذلك فيجب أن تنجز عمليتي التهوية والمزج جنباً إلى جنب وذلك لمزج الحمأة المعادة مع التيار الأولي الداخل إلى المعالجة، وبذلك نحافظ على الحمأة المنشطة بحالة معلقة ويتم تزويد عمليات التفاعلات الحيوية بالأوكسجين الضروري لإنجاز عملية تثبيت الملوثات في مياه المجاري.
تتميز عملية الحمأة المنشطة باستمرار تطور وحيدات الخلية (الأوليات) ويمكن الاستدلال على هذا التطور بوجود وحيد الخلية بشكل مسيطر، ففي بداية عملية المعالجة بالحمأة النشطة تسيطر الأميبا، ومع استمرار هذه العملية يبدأ عدد قليل من البكتريا بالنمو بصيغة لوغاريمتية.
وعندما يحدث ذلك فإن السوطيات تصبح مسيطرة وعندما يصبح عمر الحمأة ثلاثة أيام. في عملية المعالجة بالحمأة المنشطة يبدأ تشكل جزيئات مبعثرة حقيقية منفصلة ويبدأ عدد البكتريا بالازدياد، وفي هذه المرحلة تسيطر الهدبيات السابحة. وتستمر هذه العمليات وتترافق مع استقرار في الندف المشكلة للحمأة وتأخذ أشكالاً غير منتظمة ويبدأ ظهور البكتريا الخيطية Filamentous وفي هذه المرحلة تسيطر الهدبيات الزاحفة، ومن ثم تتطور الندف وتتضخم وتصبح ناضجة ويزداد حجمها ويتواجد عدد كبير من الهدبيات ذات السويقات والهدبيات الزاحفة وعندها تصل سلسلة العمليات المتتالية إلى نهايتها.
1-3: التنافس على الطعام في نظام الحمأة المنشطة:
إن أي تغير نسبي في عدد البكتريا يكون له تأثير في تغير عدد الأحياء الدقيقة، فإن أي تناقص في عدد البكتريا يسبب زيادة التنافس في مجموعة الأوليات، ليتم تحديد أي من الأوليات سيكون هو المسيطر.
وتعتمد درجة حصول الأوليات على البكتريا على عدة عوامل فمثلاً الأوليات القادرة على الحركة تكون لديها فرصة للحصول على طعامها أكثر من فرصة الأوليات الغير القادرة على الحركة، وتعتبر آلية التغذية إحدى هذه العوامل.
في بداية عمليات الحمأة المنشطة فإن أول ما يظهر من الأوليات الأميبيا والسوطيات حيث أن كلاً منهما يستطيع العيش على كميات غذاء أقل من بقية أقرانها، ولكن بازدياد أعداد البكتريا لا تعود الأميبيات والسوطيات قادرة على المنافسة للحصول على غذائها، وعندها يظهر نوع جديد وهو السابحات الحرة.
هذا النوع الجديد-السابحات الحرة-لها القدرة على الاستفادة من أعداد البكتريا الكبيرة بشكل يفوق قدرة كل من الأميبيات والسوطيات ويعود ذلك إلى الآلية الخاصة بها لجمع الغذاء.
وتكمن أهمية السابحات الحرة في شهيتها وإقبالها على الغذاء (البكتريا) وفي قدرته على تشكيل الندف (Floc).
تقوم السابحات بإفراز مواد مثل السكريات المتعددة والميكروبروتين (مركب يحتوي على سكر متعدد يتواجد في أنسجة جسمها وسوائله) يتم امتصاص هذه المواد من قبل البكتريا مما يجعلها تتلاصق ببعضها وتتجمع وتصبح ذات طبيعة غروية قادرة على الالتصاق على كتلة الندف، وبذلك تصبح كتلة الندف قابلة للإزالة من المياه الخارجة بعد المعالجة (في أحواض الترسيب الثانوية غالباً) وعندها إما تعاد إلى حوض التهوية أو يتم التخلص منها.
وبسبب ازدياد كتلة الندف –التي تحد من حركة السابحات الحرة، فإن السابحات الحرة لا تعود قادرة على التواجد وبالتالي تأخذ الهدبيات الزاحفة والهدبيات ذات السويقة مكانها، فالظروف البيئية المرافقة لكتلة الندف التي نتجت تكون ملائمة لوجودها. وتساهم الهدبيات الزاحفة وذات السويقة في إضافة وزن لكلتة الندف مما يساعد على ترسبها وإزالتها.
مما تقدم يظهر جلياً بأن الأوليات هي كائنات هامة جداً في كتلة الأحياء الدقيقة المشكلة للحمأة المنشطة في عمليات المعالجة البيولوجية لمياه المجاري فالأوليات لا تساعد فقط في إزالة البكتريا وإنما تساعد أيضاً في عمليات النترجة ويمكن اعتبار وجودها دليلاً على كفاءة عمل الحمأة المنشطة. وعلى جودة التدفق المائي الخارج بعد المعالجة، كما أنه من خلال اختبارات بسيطة والتعرف على الأوليات المتواجدة في كتلة الحمأة المنشطة يصبح من الممكن تحديد مقدار الحمولة العضوية بالملوثات من حيث أنها مقبولة أو غير مقبولة.
ويشير تواجد الأوليات إلى انجاز عمليات المعالجة بطريقة صحيحة أو خاطئة كما يشير تنوع الأوليات إلى التغير الحاصل في تركيب مياه المجاري.
ولفهم كيفية استخدام الأوليات كمؤشرات لتحديد المستوى النوعي لعملية المعالجة لابد من التعرض لشرح النقاط التالية:
أ- عندما تتم ملاحظة عدد كبير من الهدبيات ذات السويقة، والهدبيات الزاحفة، فإن ذلك يدل على الكفاءة العالية للحمأة المنشطة مما يعني أن الصبيب الناتج عن المعالجة ذو نوعية عالية بحيث يكون محتوى BOD فيه يتراوح بين 1-10 mg/l.
ب-إن تواجد مجموعات الهدبيات الثلاثة بشكل متساوي يدل على النوعية المتوسطة للحمأة والصبيب الناتج ذو نوعية مقبولة وقيمة BOD تتراوح بين 11-30 mg/l
جـ- إن سيطرة السابحات الحرة والسوطيات، يدل على النوعية الردئية للحمأة والصبيب الناتج ذو نوعية غير جيدة وعكارة واضحة، وقيمة BOD اكبر من 30mg/l.
وإن أي تغير ملحوظ في النماذج السابقة يشير إلى أن الحماة قديمة، أو يشير إلى وجود تراكيز كبيرة من النتروجين والفوسفات، أما غياب الأوليات أو تواجدها بأعداد قليلة فتشير إلى وجود مشكلة في عملية المعالجة.
1-4 العوامل البيئية المؤثرة في مستعمرات الأوليات:
تتأثر أعداد وفعالية وتنوع الأوليات الموجودة في الحمأة المنشطة أثناء مراحل المعالجة بالعوامل المحيطة، فمثلاً من المهم وجود بكتريا سابحة وأن يكون محتوى (تركيز) الأوكسجين المنحل كافياً لأن الأوليات هي كائنات هوائية، وإن تركيز الأوكسجين يدل على مستوى تلوث النظام بشكل عام.
وتؤثر المواد السامة كالمواد الكيميائية على الغشاء البلاسمي وعلى النظام الأنزيمي للأوليات مما يسبب في تزايد أعداد البكتريا ذات التأثير الضار على الأوليات، ومن العوامل المؤثرة عليها أيضاُ، قيمة PH، فلكل نوع من الأوليات درجة PH مثلى، فبعضها بحاجة إلى PH مرتفع (وسط قلوي) وبعضها بحاجة إلى PH منخفض (وسط حمضي) وبالتالي فإن تغير قيمة PH يسبب سيطرة نوع من الأوليات على الأنواع الأخرى ويعتبر هطول المطر الغزير أحد العوامل المؤثرة على الأوليات، فالمطر الغزير يسبب انجراف مائي يؤدي إلى التناقص في أعداد الأوليات.
2- الدولابيات Rotifers:
تشكل الدولابيات مجموعة معروفة من الأحياء المتعددة الخلايا وهي الأبسط من حيث البنية والأصغر حجماً وتتواجد في جميع التجمعات المائية تقريباً، وهي أحياء هوائية يتراوح حجمها من 0.1 إلى 0.8 nm (ميكروميتر).
وترافق الدولابيات عادةً عمليات المعالجة البيولوجية الهوائية لمياه المجاري، وتكون ملتصقة مع البكتريا إما بوساطة ذيلها الشوكي أو بواسطة أقدامها الشكل -4-.
تعزز الدولابيات نشاط الأحياء الدقيقة وترفع فعالية التفكيك، كما تساعد في تغلغل الأوكسجين في كتلة الحمأة المنشطة والمرشحات البيولوجية .
الشكل -4- فيلودينا (philodina) نوع شائع من الدولابيات
يقتصر عادةً معظم الوصف على أنثى الدولابيات، ذلك أن الذكر أصغر بكثير من الأنثى وبنيته أبسط من بنيتها.
وتمتاز الدولابيات بتنوع أشكالها، فبعضها يشبه الكرة وبعضها كالمحفظة، وبعضها الأخر شبيه بالدودة، وبالرغم من تنوع أشكالها غالباً ما يتألف جسمها من ثلاثة مناطق فالدولابيات تملك أهداباً على الجزء الخارجي من جسمها، وهذه الأهداب تساعد الدولابيات على الحركة الدورانية مما يسمح لها بالحركة لجمع الطعام، أما الجزء الرئيسي من الجسم فيقع تحت الرأس، ويمتاز ببشرة متصلبة ثخينة تنتهي عند القدم الذي يتمتع بوجود غدد لاصقة للتعلق تعتبر الدولابيات فريدة من نوعها بامتلاكها القدرة على مضغ الطعام بواسطة مري ذو عضلات تدعى (mastarx).
وتحتاج الدولابيات إلى مستوى عالٍ من تركيز الأوكسجين المنحل وبالتالي فإن وجودها يعتبر دليلاً على درجة نقاوة عالية للمياه وجودة في المعالجة البيولوجية.
تملك الدولابيات أعضاء تكاثر على شكل المنسل (غدة تناسلية) وتقسم وفق عدد المناسل التي تملكها فمثلاً نوع مونوغونونتا Monogononta يملك منسلاً واحداً، ونوع ديغونونتا Digononta يملك منسلين. تتم حركة الدولابيات إما بالسباحة الحرة أو بالزحف فالسابحات الحرة تتحرك بضرب حلقات الأهداب الموجودة على البشرة في منطقة الرأس وعندما تضرب كل حلقة فإنها تعطي شكل شعاع الدولاب ويكون تواتر هذه الحركة عالياً، والدولابيات التي تستخدم هذه الطريقة من الحركة تتحرك نحو الأمام ببطء.
أما الدولابيات التي تستخدم الزحف كوسيلة للحركة فإنها تعتمد على تقنية خاصة لإنجاز حركتها فبينما تكون ملتصقة بقدمها وبغددها اللاصقة على المادة التي تعيش عليها فإنها تمد جسمها، ومن خلال تمددها يلتصق رأسها بواسطة غدد لاصقة على المادة الجديدة التي ستعيش عليها، ثم تحرر قدمها من المادة القديمة وتقلص جسمها بحيث أن القدم تصل إلى المكان الجديد الذي ستعيش عليه ثم يتحرر الرأس من مكان التصاقه.
تتغذى الدولابيات على الطحالب والبكتريا والأوليات والأحياء الميتة وتعتبر الكمية التي تتغذى عليها الدولابيات في عمليات المعالجة البيولوجية كمية كبيرة وبالتالي فإن الدولابيات تلعب دوراً هاماً في معالجة مياه المجاري من خلال دورها ضمن الحمأة المنشطة وعمليات التنقية وأنظمة برك الأكسدة.
وتتواجد في الحمأة المنشطة أعداد كبيرة من الموغونونتا والبريغونونتا ويزداد عدد المونوغونونتا في برك الأكسدة.
تتغذى الدولابيات في برك الأكسدة بشكل أساسي على الطحالب، ومع استمرار تلقفها للطحالب تقوم الدولابيات بإعادة تدوير المغذيات.
في المرشحات البيولوجية تعمل الدولابيات على حفظ الكتلة البيولوجية مفتوحة لتسمح بتهويتها ومنع غمرها بالماء، وفي عمليات الحمأة المنشطة تقوم بإزالة البكتريا مشجعة على نمو أعداد فعالة أكثر منها، وتساهم في تشكل ندف الحمأة المنشطة وبطرح الفضلات وإفراز المواد المخاطية المكونة من مواد رابطة تساعد الدولابيات في تزويد البكتريا بهذه المواد الرابطة وبمواد أخرى مما يساعد على تشكل ندف الحمأة.
وتعمل الدولابيات كمؤشرات على حالة عمليات المعالجة البيولوجية بالحمأة المنشطة فهي كائنات هوائية وبالتالي تتواجد فقط عندما يكون الوسط يحتوي على الأقل على عدة مليغرامات من الأوكسجين المنحل في الليتر.
كما يشير تواجد الدولابيات في كتلة الحمأة الفعالة إلى ازدياد تثبيت المحتويات العضوية للحماة ومن جهة أخرى يشير تناقص أعداد الدولابيات أو تلاشيه إلى أن مستوى المواد الغذائية منخفض وإلى أن زمن المكوث قصير جداً لمياه المجاري.
تتأثر الدولابيات بالحرارة فهي تتطور بمعدل سريع في درجات الحرارة العالية وأما إذا انخفضت درجة الحرارة فإن معدل تطورها ينخفض.
3- القشريات Crustaceans:
بسبب أهميتها في بلانكتون المياه العذبة تعتبر القشريات مثيرة لاهتمام أخصائي المياه ومياه المجاري.
حيث تتميز هذه الأحياء الدقيقة بدرع صلب وتصنّف ضمن متعددات الخلايا الهوائية وتتغذى على البكتريا والطحالب وتعتبر هامة كمصدر لغذاء الأسماك بالإضافة إلى ذلك فقد استخدمت هذه القشريات الدقيقة في تنقية التيارات المائية الحاوية على الطحالب في برك الأكسدة.
يعتبر برغوث الماء Cyclops، والدافينا Daphina من القشريات الدقيقة ذات الأهمية في عمليات معالجة المياه ومياه المجاري الشكل (5).
الشكل -5- (a) برغوث الماء (b) الدافينيا
يفتقد البرغوث للدرع الذي يغطي الدافينيا ويظهر تقاطيع جسمها بشكل واضح ويملك البرغوث ثلاثة عيون بسيطة، ومن الممكن أن يملك عيناً واحدة متوسطة، انظر الشكل (5).
أما الدافينيا فتعرف عادة باسم برغوث الماء العذب وهي تملك رأساً مميزاً وجسماً مغطى بقشرة كما تملك عيناً مركبة قابلة للحركة، وتملك قرون استشعار تعمل كالهوائي وأجزاء فموية وستة أزواج من الأرجل.
4- الديدان (الدودة الشريطية والدودة المسطحة): Worms – NemaTodes & Flatworms
تتواجد الديدان ضمن الأوحال العضوية، كما تغطى في المواد العضوية اللزجة، لذلك فهي تتواجد في الحمأة المنشطة وفي الطبقة البيولوجية للمرشحات البيولوجية.
والديدان كائنات دقيقة حجمها يتراوح بين 0.5-3mm وقطرها من 0.01-0.05mm تملك معظم الديدان نفس المظهر العام فهي تملك جسماً مغطى ببشرة متقرنة وذو شكل اسطواني غير متقطع، وأطرافها مدببة. تدخل هذه الديدان أنظمة معالجة مياه الصرف الصحي عبر اتصالها بالتربة التي تدخل مع مياه المجاري وهي تتواجد فقط في عمليات المعالجة الهوائية باعتبارها كائنات دقيقة هوائية.
وحالما تدخل الدودة الشريطية في عمليات المعالجة فإنها تساهم في الازدهار الميكروبي وفي عمليات التحلل حيث تقوم بالتهام البكتريا في الحمأة المنشطة وفي المرشحات البيولوجية وتأتي فعاليتها في تغلغل الأوكسجين ضمن جزئيات الحمأة بحفر أنفاق خلالها.
تتواجد الديدان الشريطية بأعداد قليلة نسبياً في الحمأة البيولوجية المنشطة وذلك لأن البيئة السائلة غير ملائمة للزواحف أما في المرشحات البيولوجية حيث تتواجد حمأة مثبتة فإن الديدان الشريطية تتواجد بأعداد كبيرة لأن هذا الوسط يلائمها، و تلعب الدودة الشريطية دوراً هاماً فهي تحطم الطبقة البيولوجية التي تغطي سطح مادة الترشيح مما يمنع من ازدياد
سماكتها التي تعيق عمل المرشحات وتساعد أيضاً في تهوية الحمأة وفي حصولها على الأكسجين بحفرها الأنفاق فيها.
كما تلعب الدودة الشريطية دوراً هاماً في عمليات الحماة المنشطة، فهي تسهل تبادل الأوكسجين من خلال الأنفاق التي تحفرها في الندف، وبالتالي تستخدم كمؤشر على محتوى الأوكسجين المنحل فيما إذا كان مرتفعاً أو منخفضاً، وكمؤشر على وجود مواد سامة.
يتأثر نمو الديدان الشريطية بالظروف المحيطية ففي بيئة فقرة بالأوكسجين تصبح حركة الديدان بطيئة ويصبح معدل نموها منخفضاً كما يؤثر على نموها أيضاً تغير مواصفات مياه المجاري وأيضاً تغير درجة الحرارة يؤثر بشكل مباشر على نموها وعلى حياتها حيث بتناقص عددها بارتفاع درجة الحرارة.
الديدان المسطحة المائية Flatworms )سميت بذلك تجاوزاً لأنها ليست كلها مسطحة) وتتغذى على الطحالب وبسبب حساسيتها للضوء فإنها تتواجد في أعماق منخفضة في البرك وهناك نوعان من الديدان المسطحة في عمليات معالجة المياه هما ميكرونيويلارف microtubetlarians وهي مدورة، معدل حجمها يتراوح بين 0.5-5mm وماكروتيوبيلاريانس Macrotube llarians وهي مسطحة، ومعدل حجمها يتراوح بين 5-20mm وتتمتع هذه الديدان بمقاومة عالية مما يساعدها على العيش في ظروف متنوعة من الحرارة والرطوبة.
ونظراً لكونها تعيش في حماة مياه المجاري، فإنها تلعب دوراً هاماً في تثبيت الحماة وتعتبر مؤشراً بيولوجياً على مشاكل المعالجة فمثلاً خمولها يشير إلى محتوى منخفض من الأوكسجين أو يشير على وجد نفايات سامة.
تحتوي المياه السطحية الملوثة بالمواد العضوية (وخاصة مياه المجاري المنزلية) على كائنات تستطيع العيش بتركيز منخفض من الأوكسجين ويمكن لتواجد القليل من هذه الديدان الأنبوبية Tubificids أن تلوث البيئة، ويذكر العالم 1989 pennak أن العديد من قيعان الأنهر الملوثة يمكن أن تكون مغطاة بمجموعات من الديدان الأنبوبية.
أما التيوبيفكس Tubifex (والمعروفة عادة بديدان الحمأة) فهي صغيرة أسطوانية الشكل محمرة اللون، ويتراوح طولها من 25 وحتى 50mm، وتحفر هذه الديدان أوكارها لتختبئ فيها وتخرج من أوكارها لالتقاط غذائها (انظر الشكل 6) ويعتبر تواجدها مؤشراً على التلوث.
الشكل -6- Tubifex
ملاحظة: جميع محتويات الموقع ذات حقوق محفوظة و لايسمح بإعادة النشر أو الاستخدام إلا بعد أخذ إذن مدير الموقع حصريا” تحت طائلة المسؤولية
إعداد د.م رصين زكية
أستاذ الميكروبيولوجيا و المعالجة البيولوجية
كلية الهندسة البيئية
جامعة البعث
حمص-سورية